أبي



أبي رجل قصير، في أفكاره، يظن دوما أن مكانه فوق الغير، يدري جيدا مقالب الحياة و كأنها تعرفه و يعرفها، يسعى دائما لحل المشاكل بالعنف و الشجار.أبي رجل معروف جدا، يسعى الجميع لعمل الخير معه، فهو محبوب من الكل، الكبير و الصغير، الجميع يهابه ويحاول ما أمكن تجنبه، أبي رجل شرير.

عمل أبي بكد و جد حتى يعيلنا، سهر الليالي حتى لا نقع في براثن الجوع و الفقر , سرق و نهب ، أبي رجل نصاب.

تزوج أبي بأمي بعد قصة حب عنيفة، لم يقبل جداي من أمي بزواجه منها إلا بعد مخاض عسير نظرا لكونه فقيرا لا يمتلك قرشا واحدا، غير أن أمي قررت أن تصبر عليه حتى يكون نفسه، و في النهاية كافأها الله بزواجه منها، ليكافأها أبي بدوره باحتكاره لراتبها الشهري و استمتاعه به لوحده، أبي رجل استغلالي.

في طفولتي، كان أبي يملك سربا كبيرا من الحمام، قائد السرب كان ذكرا أسودا، كان مميزا في كل شيئ: طريقة تحليقه، استأثاره بحبوب الذرة وحده، عنجهيته مع الإناث، كان يضاجعن جميعا بدون اكتراث للذكور الآخرين، حتى أنه كان يملك قلبا خارج قفصه الصدري، مما يزيده غرورا و ازدراء. كان أبي يحب سرب الحمام و يعامله بلطف و حنان أكثر مما كان يعاملنا به،
ذات مرة أخبرني أن ابتداع اللين و الرأفة مع الحيوانات يسرع في نموها و تسمينها، لذا لم يكن يتردد في ذبح بعضها عند ازديايد عددها ، أبي رجل متوحش (على أي، فطعم قلب الذكر الأسود لم يكن سيئا).

هذا هو أبي ، أحبه كما هو،شاء من شاء و كره من كره ، أحبه حرصا على نصيبي من الميراث.


تمت

كتبت في طريقي نحو مدينة مكناس
14 ماي 2010